شارداً في مج النسكافيه
أحتسي بعض الخيال والأفكار والكلمات
ثم أنا أصبح مَحَسّش
ندخل في الحيطة بقى
في أول سنتين : هتبقى جواك مشاعر متداخلة من
الوحدة والحنين ومن الانبهار والصدمة ومن الغربة والتوهان
في السنة التالتة : هيبدأ يتسرّب جواك الشعور
بإنك هنا أحسن كتير ، وبإن الناس اللي في بلدك عايشين ازاي كده ؟
هتتردد عليك أحياناً بعض الذكريات علشان تحس
بالحنين والصُحبة
من وقت للتاني هتفتح قايمة المسجلين على موبايلك
وتشوف مين اللي أسماءهم موجودة
هتقف عند كل اسم له معاك ذكرى او موقف
هتفتكر آخر مرة شفت فيها الشخص ده او صاحب الاسم
ده وازاي اتقابلتوا اول مرة .. لو ذاكرتك تسمح بكده طبعاً
وهتدخل على قايمة الأصدقاء لو موبايلك فيه تخصيص
جروبات
او هتقف على أسامي أصحابك
هتفتكر ضحككم .. سهركم .. مين فيهم هتشوف حياته
ناجحة .. مين فيهم هتشوف حياته سريالية
مين فيهم مات ومحضرتش جنازته
هتبتسم .. هتضحك واللي حواليك يفتكروك اتهبلت على
كبر
مع انك باين عليك ملامح الهبل من يوم ما اتولدت
عينيك هتدمع وتخبي وشك او تقوم من مكانك علشان محدش ياخد باله إن لسه جواك
انسان بيحنّ ويعرف يحب البشر
هتقول : الواد فلان وحشني صوته يا ترى اخباره ايه
واخبار الشلة ؟
وتتصل مرة اتنين .. مشغول .. التالتة .. بيرن اهو
ايوة يا زفت اخبارك إيه يالا وحشت تلاتين أهلي
في السنة الرابعة وللآخر : مشاعرك أصبحت زي صوت
جهاز رسم القلب لما مريض العناية المركزة بيقفش من الحياة وياخد براءة ويطير
اجازاتك في الغالب شبه بعض
تأتي رياح الخماسين محملة بالأتربة وبخار الماء
كام شنطة على كام وزن زيادة في الرايحة والجاية
بين اصحابك : عيّل إتم .. كل نكتك بقت بايخة
حضورك أصبح قليل معاهم رغم انه شهر واحد
يعني
الشهر الحزين اللي بتنزل لنا فيه منشوفكش غير تلات أربع مرات؟
شعورك بالخوف من صنع ذكريات جديدة وأحداث جديدة
ممكن تفتقدها بعد كام يوم بيعزلك عن الكل
بين أهلك : عيّل يسدّ النفس ... أكلنا معادش
بيعجبك ولا ايه ؟
اللي يشوفك كده يحس كإنك عندك 100 كيلو ونازل مصر
تعمل ريجيم .. ما تطفح يا منيل
بتصحى بعد الضهر .. على ما الكل يكون انشغل في
حياته
بتخرج أول ما الكل يتجمع حتى لو مش وراك حاجة ..
بس لازم تخرج دلوقتي حالاً
طب انت تاعب نفسك ونازل اجازة علشان
تذلنا بروحك اللي بتحوم حوالينا مثلاً ؟
قد تشعر بتأنيب الضمير ... إذا كان لسه عندك شوية
منه طبعاً
فتقرر الجلوس مع الأهل (كام يوم ورا بعض علشان يشبعوا منك)
وياريتك
ما طلعت علينا بطّلتك البهية
ابتسامة متكلفة ... عصبية ليس لها أي داعي لما حد
يهزر معاك هزاركم المعتاد
المطار الدولي : رحلة العودة خارج حدود متطلبي
المشاعر
أفكار داخلية : هو أنا نزلت الاجازة ليه ؟ ياااه
الاجازة خلصت بسرعة
هو الناس مبسوطين ليه انهم شافوني
رغم اني رذل
وتلم وغتت وإتم من ساعة ما نزلت لغاية ما انا ماشي وبسلم عليهم
انا احسنلي اقعد كام سنة ورا بعض وبعد كده ابقى
انزل اجازة
يمكن يبقى فيه حاجة الواحد يتكلم فيها وميبقاش إتم كده
أول يومين بعد العودة من الاجازة :
فلاشات ..
ذكريات الاجازة .. ابتسامة .. دمعة مباغتة
شعور بالغربة والتوهان وإنك من جوه
فيه سرسوب هوا بيضرب في قفى قلبك
بعد اسبوع من العودة للاجازة : عودة الانسان
الآلي إلى ما كان عليه
مشهد في الخلفية : الساحرة الشريرة ماسكة عصايتها السحرية :
عوودي لأصلك يا دوووداااااا ... وكام نجمة بيطيروا في الهوا
بمرور الوقت : الواد ده معادش بيتكلم معانا في
حاجة
كلمة مشتركة وفكرة مشتركة بين أهلك .. أصحابك
لم يعد للكلام نفس المذاق - من يوم ما شالوا نشارة الخشب من الشاي - فلماذا الكلام ؟
لم يعد للمشاعر مساحة
غير إنك نفسك بس تحافظ
على جزء بسيط من الانسان الطبيعي
الانسان اللي اتعودت تشوفه زمان لما تبص لنفسك في المراية
التعود على مشهد القتل بياخد من انسانية الروح في
كل مرة
لغاية ما تبقى معندكش احساس بالحاجة
في لحظة الفرح : آه والله تصدق حاجة تفرح مع
ابتسامة رخمة
واستجلاب لقطة رفع كاس عصير تفاح مع : شييير يو
في لحظة الحزن :
آه يا حرام حزن مع رسم بوز خفيف علشان
محدش يقول انك شمتان او مش حاسس
التعود على البُعد مش بياخد من انسانية الروح أي
حاجة
التعوّد
على البُعد بياخد منك انت روح القرب
ويبقى بينك وبين الشخص اللي قصادك في المراية
بُعد غير مفهوم
فهتبقى نفس الشخص ازاي مع الناس ... إذا مكنتش نفس
الشخص مع نفسك
رُفعت الأقلام .. وجفّت الصُحُف
3 comments:
عندما تتمكن منا الغربة تجعلنا نشعر بأن أرواحنا تائهة لا تجد لها مكان تستقر فيه..أتعبتها الأيام وأنهكتها السنون فليس لها عنوان تعرف به..
وليس لها مكان تطمئن اليه وتستقر فيه.. عائمة على الوجه أضعف موجة كفيله بأن تحطمها وتقتل فيها الأحساس بالحياة.
:(
عارف أنا بقيت الصحراء بيتي وبتغرب في البلد كل اجازة
Post a Comment